
د. ريم القطان تكتب: المرأة المصرية: قلب الوطن النابض وسنده في لحظات التحوّل
بقلم د. ريم القطان – القائم بأعمال أمين المرأة بحزب الإصلاح والنهضة
تاريخ الأمم يُروى عادةً في أسماء قادتها ومعاركها، لكن التاريخ الحقيقي يُكتَب في البيوت والشوارع، في صوت امرأة توقظ أبناءها قبل الفجر، وتخرج إلى عملها، وتحمل الوطن في قلبها دون أن تتحدث عن الوطن. وإذا أردت أن تعرف ملامح مصر الحقيقية، فانظر في عيون نسائها، هناك ستجد الحكاية.
ليست المرأة في مصر مجرد نصف المجتمع، بل هي ضميره. في لحظات الانكسار كانت أول من يلملم الشظايا، وفي لحظات الأمل كانت أول من يمضي في الطرقات، تزرع في الطريق شجرة وفي القلب ثقة. حين اهتزت البلاد في فترات الاضطراب، خرجت المرأة لتحمل علمها وتقول إن مصر لن تسقط. كانت حارسة الوعي في البيوت، وراعية الحكمة في الميادين، وقدّمت أبناءها جنودًا للوطن ولم تشتكِ، بل رفعت رأسها وقالت: هذا قدرنا.
ولأن الحروب لم تعد فقط مدافع ودبابات، بل أصبحت حربًا على الذاكرة والانتماء، فإن المرأة المصرية اليوم تخوض معركة أعقد: معركة تشكيل الوعي. حين تُربّي ابنها على حب بلده، أو تُعلّم ابنتها أن القوة في العقل لا في الشكل، فإنها بذلك تبني وطنًا لا تزعزعه مؤامرات ولا إشاعات. إنها المعلّمة في الصف، والطبيبة في المستشفى، والعاملة في المصنع، وهي أيضًا المرشدة التي تحمل تراث أجدادها وتمضي به نحو الغد.
لم تكن المرأة المصرية يومًا في مؤخرة المشهد، بل في مقدّمته. في الثورة كانت في الصفوف الأولى، وفي الانتخابات كانت الرقم الحاسم، وفي التنمية كانت اليد العاملة والعقل المدبر. أما في الثقافة، فهي الكاتبة والمخرجة والمطربة والمعلمة، تسقي وجدان الوطن كما تسقي الأم طفلها.
ولذلك، حين نتحدث عن مستقبل مصر، لا يمكن أن نغفل دور المرأة، فهي ليست فقط الحاضر بل الضمانة الحقيقية للغد. تمكينها ليس منّة، بل ضرورة وطنية. دعمها ليس شعارًا، بل خطة إنقاذ للأمة. وكلما ارتفعت مكانة المرأة في المجتمع، ازداد رسوخ الوطن في وجه الرياح.
في قلب كل أزمة مصرية، ستجد امرأة تُقاتل في صمت. وفي قلب كل نهوض حقيقي، ستجدها تبتسم، كما لو أنها تقول: “أنا مصر… فلا تقلقوا”.