الإصلاح والنهضة
الإصلاح والنهضة هو حزب مدني يحتضن دون تمييز جميع المواطنين وينطلق من أرضية مشتركة لترسيخ دعائم الدولة المدنية وإحترام سيادة القانون والدستور والمواطنة والتعددية

الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا على الأمن القومي المصري (الجزء الثالث)

أمانة السياسات العامة - حزب الإصلاح والنهضة

على المستوى العام يواجه العالم أحد أكبر الأزمات الاقتصادية فاقمتها أزمة كورونا، ومن الواضح أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو الركود، وتتصاعد الأعباء الاقتصادية على الدول؛ وتتزايد معدلات الفقر، و الأمن الغذائي يواجه العديد من التهديدات؛ بالإضافة إلي اختلالات حادة في المؤشرات الكلية للاقتصاد

 

فقد أشار تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية (أونكتاد) المنعقد في مارس 2020 أن تراجع النمو الاقتصادي العالمي إلى ما دون 2% قد يكلف خسائر اقتصادية في حدود ترليون دولار ستتحمل تبعاتها جميع دول العالم بدرجات متفاوتة 

و قد استطاعت مصر رغم تحديات الأزمة التي أفقدت دول كبرى توازنها أن تحافظ على أمنها القومي الاقتصادي و تخرج بأقل الخسائر محققة معدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي بلغ  3,6% في 2019/2020 

و يتوقع البنك الدولى أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر سيظل يتعافى و قد يسجل نموا بمعدل 2.3% خلال العام المالي الحالي 2021/2020، و سيسجل ارتدادا قويا إلى مستويات ما قبل الجائحة ليصل إلى 5.8% خلال العام المالي المقبل 2022/2021

كما يتوقع صندوق النقد الدولى أن يعاود الناتج المحلي الإجمالي في مصر النمو إلى 6.5% خلال العام المالي 2021/2022

 

احتياطيات النقد الأجنبى 

يعد الإحتياطى النقدي أحد أهم مرتكزات الأمن القومي الاقتصادي و قد سجل الاحتياطي النقدي أعلى مستوى له في تاريخ البلاد خلال فبراير  2020 عندما بلغ مستوى 45.5 مليار دولار لكن تسببت جائحة كورونا في تراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى مستوى 36 مليار دولار في مايو 2020 ليسجل أدنى مستوى له خلال 2020 بإنخفاض وصل إلى 9.5 مليار دولار في ثلاثة أشهر وذلك بعدما اعتمدت الحكومة على خزائن البنك المركزي في تمويل خطط التحفيز التي أعلنت عنها في ذروة الجائحة خلال شهر مارس من نفس العام و فى ظل التأثر الشديد و التوقف في بعض الأحيان الذي أصاب مصادر البلاد الدولارية و على رأسها قطاع السياحة 

ثم بدأت رحلة الارتفاع في احتياطيات مصر من النقد الأجنبي خلال يونيو 2020 بعد حصول مصرعلى تمويل طارئ من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.77 مليار دولار لمساعدتها في مواجهة آثار جائحة كورونا.

 

ثم واصل الأحتياطى النقدى الارتفاع ليسجل 38.36 مليار دولار في أغسطس 2020   ثم  39.22 مليار دولار بنهاية نوفمبر 2020 لينهي عام كورونا عند مستوى 40 مليار دولار ليسجل في مارس 2021 مستوى 40.33 مليار دولار 

 

سعر صرف الجنيه 

يعد سعر العملة الوطنية من مرتكزات الأمن القومى الاقتصادى و قد شهد الجنيه المصري انخفاضًا خلال الفترة من فبراير حتى مايو 2020 بلغ نحو 1.8% من قيمته، وذلك تزامنًا مع تراجع التدفقات الدولارية نتيجة لعدة أسباب منها على سبيل المثال انخفاض الصادرات السلعية بمعدل 39.4% في نفس الفترة، وقد تفاقم الأثر السلبي على قيمة الجنيه جراء تأثر قطاع السياحة بشكل ملحوظ بانتشار الفيروس والانخفاض الكبير في أعداد السائحين والليالي السياحية مع إغلاق المطارات وتعليق الرحلات الجوية…إلخ، مما ساهم في تراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي.

 

و كانت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” قد توقعت في مذكرة بحثية فى وقت سابق تخفيف الضغط على الجنيه المصري بعد تجاوز مصر الضغوط على ميزان المدفوعات مع زوال القيود المتعلقة بجائحة كورونا و تعافي قطاع السياحة على وجه الخصوص

و يسود تفاؤل فى الأوساط المصرفية بمستقبل الجنيه المصرى أمام الدولار على الأقل خلال النصف الأول من 2021 وسط توقعات باستقرار سعر صرفه وتحركه فى نطاق محدود (15 – 16.25 ج ) فى ظل نجاح السياسة النقدية فى جذب الإستثمار الأجنبى وتحويلات المصريين بالخارج ونمو الاحتياطى النقدى

 

البورصة 

انخفض مؤشر البورصة المصرية انخفاضًا حادًا في أعقاب الموجة الأولى من الجائحة خاصة في شهري مارس ومايو 2020 حيث أغلق عند 9593.9 و10220.1 نقطة على التوالي، مسجل أعلى معدل تراجع شهري منذ يناير 2019.

 

ومن الجدير بالذكر عدم تأثير الجائحة على قيمة وحجم التداول وحجم العمليات في البورصة المصرية حتى شهر إبريل 2020، والذي شهد تحسنًا ملحوظًا في أداء البورصة مقارنة بالشهر المناظر في عام 2019 نتيجة للحزم التحفيزية التي قدمتها الحكومة لحماية سوق البورصة المصرية والمتعاملين فيها و التى كان من أهمها :  

  • تخصيص 20 مليار جنيه من البنك المركزي لدعم البورصة المصرية.
  •  خفض ضريبة الدمغة لغير المقيمين لتصبح 0.125% بدلاً من 0.15%، وعلى المقيمين لتصبح 0.05% بدلاً من 0.15% ، مع الإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة.
  •  خفض سعر ضريبة توزيع الأرباح للشركات المقيدة بالبورصة بنسبة 50% لتصبح 5% بدل من 10%

 

و مع إنحسار أزمة الموجة الأولى فى مصر تحسنت بعض المؤشرات التى كانت قد شهدت تراجعًا خلال فترة الذروة وقد شهد مؤشر البورصة المصرية الرئيسي تحسنًا بمعدل 5.3 بالمائة في شهر يونيو 2020 

 

قطاع السياحة 

و في قطاع السياحة تضرر القطاع بغلق خطوط الطيران المدني و الدولي و تحجيم حركة المواطنين و سائر إجراءات الغلق الجزئي و العام حيث انخفضت أعداد السائحين من 0.9 مليون سائح في فبراير 2020 إلى 0.0 مليون سائح في إبريل 2020 بنسبة انخفاض 100%

ليحقق القطاع  إيرادات بقيمة 4 مليارات دولار خلال عام الجائحة (مقارنة بـ13.03 ملياراً المحققة في العام 2019) واستقبل البلد نحو 3.5 مليون سائح (مقارنة بـ13مليون في العام 2019)

و وفقًا للتقارير العالمية فإن القطاعات الأكثر تضررًا بالأزمة قطاع السياحة و الترفيه وقطاع السفر والطيران و الصناعة بشكل عام والقطاع العقاري و الأنشطة المصرفية و الأوراق المالية 

 

و يتوقع أن يستمر تأثر قطاع السياحة  لفترة قادمة مع وجود فرص لتحسن جزئ فى السياحة المحلية و هي أقرب للتعافي السريع من السياحة الدولية و تعكف وزارة السياحة مع بداية 2021 على وضع خطط استراتيجية و مبادرات ترويجية للنهوض بالقطاع وسط رهانات على تعافٍ تدريجي مدعوماً ببدء توزيع اللقاحات حول العالم و قرب إنتهاء الموجة الثالثة

و تأثر بإنكماش قطاع السياحة عدد غير قليل من القطاعات التابعة و الوسيطة كالفنادق و المطاعم و الطيران و التنقل البحري و البري و الذى توقف تمامًا خلال الموجة الأولى و عاد جزئيا خلال الموجة الثانية والثالثة

و كان قطاع السياحة على المستوى العام من أكثر القطاعات تضررًا 

 

و قد دعمت الحكومة قطاع السياحة لمنع انهياره كليًا بحزمة قرارات كان أبرزها :

  • قرار البنك المركزى إرجاء سداد كافة المستحقات على المنشأت السياحية والفندقية لمدة 3 أشهر دون غرامات أوفوائد تأخير ثم قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإسقاط الضريبة العقارية على المنشأت الفندقية السياحية لمدة 6أشهر 
  • تقليل فائدة القروض على التشغيل من 8% إلى 5% 
  • قرر مجلس إدارة المجلس الاعلى للأثار إعفاء جميع الكافيتريات والبازارات التابعة للمجلس الأعلى  للآثار الموجودة بالمتاحف و المواقع الأثرية من دفع الايجارات 
  • شمول مبادرة التمويل السياحي التي أطلقها البنك المركزي لتتضمن استمرار تشغيل الفنادق وتمويل مصاريفها الجارية بمبلغ يصل إلى 50 مليار جنيه مع تخفيض تكلفة الإقراض لتلك المبادرة إلى 8٪

 

حركة التجارة و الصناعة 

أشار تقرير غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة إلى تراجع عائدات التصدير لمصر لعام 2020 بسبب جائحة كورونا حيث أن أكبر الشركاء التجاريين لمصر هم الإتحاد الأوروبى و إيطاليا و الإمارات و السعودية و الولايات المتحدة و الصين و تركيا و جميعها من الاقتصادات التى تأثرت بالوباء

و قد تعددت تأثيرات جائحة كورونا على كفاءة سلسلة التوريد و أدائها لما تسببت فيه من إبطاء في الخدمات اللوجيستية و تعطيل في مسارات تدفق مستلتزمات الإنتاج و المنتجات الوسيطة و النهائية

و حسب تقرير المركزي للتعبئة و الإحصاء حول تداعيات كورونا على الاقتصاد المصري فإن معدل التغير السنوي للواردات السلعية غير البترولية (بالدولار الأمريكي) قد شهد أقصى انخفاض له منذ يناير 2019 في أشهر فبراير وإبريل ومايو 2020 بمعدلات تصل إلى 25.5% و35.0% و35.8% على التوالي.

بينما تراجع معدل التغير السنوي للصادرات السلعية غير البترولية (بالدولار الأمريكي) بمعدل 19.9% و36.0% في أبريل ومايو 2020 على التوالي.

 

و انخفضت إيرادات قناة السويس بالدولار الأمريكي إبتداءً من إبريل 2020 مقارنة بالمستويات المناظرة في العامين السابقين 2018 و2019 نظراً لتأثر التجارة العالمية بشكل عام بالجائحة. بينما سجل معدل التغير الشهري للإيرادات أدنى مستوى (7.5%) في شهر مايو 2020 مقارنة بنفس الشهر في العامين السابقين (4.5% و 6.0% على التوالي).

 

ويمكن تحديد التأثير الحقيقي للجائحة على قطاع قناة السويس بالنظر للتغير في الحمولات الصافية وعدد السفن العابرة للقناة قبل وبعد فبراير 2020، حيث انخفضت الحمولات من 101.8 مليون طن إلى 84.2 مليون طن، وانخفضت أعداد السفن من 1731 إلى 1381 سفينة خلال الفترة أبريل-يونيو 2020.  و قد سجلت قناة السويس عبور 4732 سفينة حاويات خلال عام 2020

 

و قد تأثر أيضًا قطاع الصناعة المصرية جراء الأزمة و يجدر الإشارة أن عدد المنشأت الصناعية العاملة فى مجال الصناعة التحويلية فى مصر 38 الف منشأه و يساهم قطاع الصناعات التحويلية بحوالي 16% فى الناتج المحلي الإجمالي و يتجاوز عدد العاملين فى الصناعات التحويلة المصرية 2 مليون عامل منها حوالى مليون عامل فى المدن و المناطق الصناعية الحرة  

و تعتمد الصناعة المصرية بشكل كبير على مستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج و يعكس ذلك أن نسبة المواد الخام و مستلزمات الانتاج الوسيطة تمثل حوالى  44% من إجمالى الواردات المصرية 

لذلك تأثرت الصناعة المصرية تأثرًا شديدًا بسياسات الغلق العالمي لاسيما الصين مصنع العالم التي تساهم بأكثر من 20% من تجارة مستلزمات الإنتاج الصناعي وفق بيانات 2019 

و بالتالي زادت صعوبة و تكلفة الحصول على المواد الخام المستوردة من جميع دول العالم كما حدث تراجع في الطلب نتيجة حالة الترقب التى سيطرت على المستهلكين و المستثمرين فى نفس الوقت 

و كانت ذروة تأثر القطاع الصناعي في إبريل 2020 ثم شهد القطاع تحسنًا تدريجيًا خلال الشهور الماضية 

و لعل أبرز ايجابيات هذه الفترة على الصناعة المصرية كان خلق فرص كبيرة أمام الصناعات المحلية لإنتاج بديل للمنتجات المستوردة بمواد خام محلية 

 

أما أكثر قطاعات الأعمال  التي ازدهرت وازداد الطلب عليها حسب التقارير العالمية فهي قطاع الصناعات الدوائية و العلاجية و الصناعات الغذائية و صناعة منتجات النظافة الشخصية والتطهير و تجارة التجزئة و قطاع أنظمة المعلومات والإتصالات ثم التجارة الإلكترونية

و لعل ازدياد الطلب بشكل مفاجئ و متسارع على مُصنعي و مزودي المواد و الخدمات الطبية و مواد الوقاية الشخصية و الأدوية و قد ارتبط بضغط الطلب على مواد و خدمات قطاع الصحة عدد من الإشكالات التي واجهت الأطقم الطبية من نقص في اللوجيستيات و ارتفاع جنوني في أسعار مواد مكافحة العدوى و أدوات الوقاية الشخصية و بعض النقص في بعض الأدوية التى يتعاطها أصحاب الأمراض المزمنة و التى أشيع جدواها في الوقاية من الجائحة 

 

و كانت الحكومة اتخذت بعض القرارات لدعم قطاعي التجارة و الصناعة منها على سبيل المثال :

  • توحيد وخفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة إلى 4.5 دولار/مليون وحدة حرارية.
  • توفير مليار جنيه للمصدرين خلال شهري مارس وإبريل 2020 لسداد جزء من مستحقات برنامج دعم الصادرات.
  •  تيسير الحصول على الخدمات المصرفية لدعم العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية و تلبية طلبات الشركات المستوردة لها لتغطية احتياجات الأسواق.

 

و قد كشفت الجائحة ضرورة تغيير الاستراتيجيات و السياسات التى تتبناها مصر فى مجال تنمية و تعميق الصناعة فالإبقاء على النمط الحالي من استراتيجية التكامل في التجارة العالمية و اعتماد الصناعة المصرية بالكامل على سلاسل الإمداد العالمي يحمل فى طياته العديد من المخاطر على الأمن القومى و أنه لابد من تشجيع المنتج المحلي و توطين التكنولوجيا الصناعية

 

تحويلات العاملين بالخارج 

بلغ عدد المصريين المغتربین في الخارج 9,5 ملیون شخص وفقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،  وتحظى الدول العربية بالنصیب الأكبر من العمالة المصرية بنحو 6,2 ملیون شخص بنسبة

65,2% بینما يقيم نحو 1,25ملیون شخص بنسبة 13,2% في الدول الأوروبية. 

ويوجد نحو 46,9 ألف مصري فى الدول الإفريقية غير العربية و يقيم نحو 14 ألفا فى البلدان الأسيوية 25% منهم فى الصين 

بينما يقدر عدد المصريين فى الولايات المتحدة بنحو مليون نسمة و يتوزع المريون فى الدول العربية بين السعودية التى تحتل المرتبة الأولى بنحو 2,9 مليون شخص بنسبة 46,9% من المصريين المقيمين فى الدول العربية فى حين يصل عددهم إلى 1,15 مليون نسمة فى الأردن بنسبة 18,4%  أما الإمارات فيقيم فيها نحو 765 ألف مصري بنسبة 12.3% 

و تسهم العمالة المصرية في الخارج في رصيد الإحتياطي من النقد الأجنبي علاوة على أنها ترفع عن كاهل الدولة عبئ تدبير فرص عمل جديدة  

ولا شك أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج قد تأثرت بجائحة كورونا حيث  كشفت دراسة، أجراها الجهاز المركزي للتعبئة العامة الإحصاء حول تداعيات كورونا على الاقتصاد المصري خلال الفترة ما بين شهري مارس إلى يونيو الماضي على زيادة معدلات نمو تحويلات العاملين من المصريين بالخارج  خلال فترة تفشي فيروس كورونا مقارنة بعامي 2018 و2019.

وأكدت الدراسة أن تحويلات العاملين بالخارج في الربع الثالث للعام المالي 2019-2020 بلغت 7.9 مليار دولار مقابل 6.5 مليار دولار في 2017-2018 ،

 و6.2 مليار دولار في 2018-2019 بنسبة زيادة بلغت 21.7 % و27.6 % على التوالي

وبحسب بيان صادر عن البنك المركزي المصري فقد بلغ اجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج في 2020 نحو 29.6 مليار دولار مقابل تحويلات بلغت نحو 26.8 مليار دولار خلال 2019 وهى زيادة كان لها أثر إيجابى على الإحتياطى النقدى 

 

رواد الأعمال و المشروعات الصغيرة

تعد المشروعات الصغيرة و المتوسطة بمثابة العمود الفقرى للإقتصاد المصري حيث يبلغ عددها بما فيها المشروعات متناهية الصغر أكثر من 2,5 مليون مشروع و تمثل المشروعات الصغيرة و المتوسطة التى تقوم بتوظيف أقل من 50 عاملا نحو 98% من إجمالي عدد المنشأت التى تعمل في القطاع الخاص غير الزراعي و تستوعب 75% من العمالة بهذا القطاع و تساهم بنحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي و بما لا يقل عن 80% من إجمالي القيمة المضافة و تغطي نحو 90% من التكوين الرأسمالي 

و تساهم المشروعات الصغيرة بنحو 13% من قيمة الإنتاج الصناعي بينما تساهم المشروعات المتوسطة بنحو 46% و المشروعات الكبيرة بنحو 41% من قيمة الإنتاج 

إلا أنه رغم الحقائق السابقه فإن نسبة مساهمة المشروعات الصغيرة و المتوسطة في مصر من إجمالى الصادرات المصرية لا تتجاوز 4% مقارنة بنحو 60% في الصين و 65% في تايوان و 70% في هونج كونج و 43% في كوريا   

والحقيقة أن تداعيات الجائحة كانت أكثر شدة على الشركات الصغيرة و المتوسطة–خاصة فى مجال التجارة والصناعة و السياحة – من الشركات الكبرى التى تمتلك فروع في مناطق مختلفة و تنتشر على نطاق واسع ما يجعلها تمتلك مساحة أكبر على المناورة لتعويض الخسائر 

فلم تتمكن الشركات الصغرى و المتوسطة من العودة للعمل بكامل طاقتها لتعسرها فى الوفاء بالتزامتها المادية رغم فتح المجال العام و مرور شهور على الموجة الأولى 

و احتياجها لإعتمادات مالية لتوفير تدريبات عاجلة للعاملين على اتباع قواعد الوقاية من الوباء،وتوفيرمستلزمات الوقاية للعاملين ، واستقدام عاملين لتنظيم دخول وخروج المواطنين ومنع الاحتشاد، وتوفير مساعدات مادية عاجلة للمرضى والمصابين منهم وعقد “تفاهمات” غير رسمية بخصوص الإجازات المرضية ودعم العاملين أثنائها

ما يلقى بظلاله على تأثر قطاعات واسعة من العمالة غير المنتظمة التى تستوعبها هذه الشركات 

 

معدل التضخم

في مارس 2020 و مع بداية الجائحة انخفض معدل التضخم السنوي العام لإجمالي الجمهورية إلى 4.6% من 4.9% في فبراير من نفس العام  و مقارنة بـ 8,9% في مارس من عام 2019 

ثم وطبق آخر إحصائية صادرة عن البنك المركزى المصري فقد عاود معدل التضخم الإرتفاع ليسجل 6,3% في نوفمبر 2020  

ثم عاود معدل التضخم الإجمالى السنوى الإنخفاض ليسجل (4.8%) لشهر مارس 2021 مقابل (4.6%) لنفس الشهـر من 2020 

من ناحية أخرى و لعموم تأثر الأسواق حول العالم – خاصة الناشئة منها- بالجائحة و ارتفاع معدلات التضخم فإن مصر وفق صندوق النقد الدولي، 

 “حققت أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم بالأسواق الناشئة في 2020، مقارنة بعام 2019 بتراجع بلغ 8.2 نقطة مئوية”.

 

يمكننا القول بأنه و فى ضوء المعطيات السابقه فإن العالم اليوم يدخل عصرًا جديدًا من تفكيك العولمة الإقتصادية – و أيضا السياسية والثقافية – التي كان لها أصولها قبل أزمة الكورونا لأن الشركات تجد استمرار العولمة كمحرك للاقتصاد العالمي أكثر صعوبة، وتجد نفسها مضطرة لأن تعيد تشكيل سلاسل الإمداد العالمية بتوطينها محليًا وإقليميًا. فالمتصور أن تحدث بعد إنتهاء الأزمة تحوالت دائمة في القوة السياسية و الاقتصادية و تشكل ملامح  النظام العالمي الجديد بعد الوباء.

 

 

أمانة السياسات العامة –

حزب الإصلاح والنهضة