الإصلاح والنهضة
الإصلاح والنهضة هو حزب مدني يحتضن دون تمييز جميع المواطنين وينطلق من أرضية مشتركة لترسيخ دعائم الدولة المدنية وإحترام سيادة القانون والدستور والمواطنة والتعددية

بيان اللجنة الاقتصادية بشأن أهمية المؤتمر الاقتصادي لبناء مصر المستقبل

عانت مصر بعد الثورة من تداعيات عنيفة على الإقتصاد المصرى حيث أدى إنخفاض إجمالى الناتج المحلى إلى تحقيق معدلات نمو ضعيفة حيث كانت فى المتوسط تتراوح بين 5- 6 % فى الأعوام السابقة عن الثورة لتصل إلى متوسط 2 % خلال الأربع أعوام التالية للثورة.

هذه المعدلات من النمو لاتكفى لدفع النشاط الإقتصادى وتوليد فرص عمل للمتعطلين مما أدى لرفع نسبة البطالة لتصل إلى 13.4 % بنهاية عام 2014 مقارنة بنحو 9 % عام 2010.
أيضا أدت الاضطرابات الأمنية والسياسية الداخلية إلى خروج العديد من الإستثمارات الأجنبية المباشرة من السوق و إنخفاض تدفق إستثمارات جديدة فى المقابل ، هذا إلى جانب توقف العديد من المنشآت الإنتاجية وإنخفاض مساهمة القطاع الخاص فى نمو إجمالى الناتج المحلى.

إلى جانب ذلك أدت حالة التراجع في النشاط الاقتصادى مع أهم شركاء مصر التجاريين إلى العجز الذى شهده ميزان المدفوعات بشقيه الجاري والرأسمالي، والذي انعكس في انخفاض حصيلة مصادر النقد الأجنبي مما استلزم الأمر القيام بتمويل الأنشطة الجارية بالعملة الأجنبية عن طريق السحب من الإحتياطى النقدى.
وبالرغم من حصول مصر على مساعدات بنحو 12 مليار دولار منذ شهر فبراير من عام 2011 إلى مارس 2013 إلا أن رصيد الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي ظل في تناقص مستمر لينخفض بأكثر من 50% عن مستواه فى ديسمبر 2010 ليصل إلى 15 مليار دولار.

هذا التناقص أدى لإنخفاض سعر صرف الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى والعملات الأجنبية وأدى لموجة من التضخم حيث أن العديد من السلع والمكونات التى تدخل فى عملية الإنتاج يتم إستيرادها.

ومن ناحية أخرى تزايد الإنفاق الحكومى تركز على المصروفات الجارية التى لا تساهم فى زيادة الطاقة الإنتاجية وبالتالى زيادة إجمالى الناتج المحلى حيث حرصت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة على زيادة أجور العاملين بالدولة والمعاشات وفى المقابل إنكمش الإنفاق فى المجالات الإستثمارية مثل البنية التحتية مما أدى إلى تفاقم العجز فى الموازنة العامة ليصل إلى حوالى 200 مليار جنيه ومتوقع زيادته إلى 240 مليار جنيه فى السنة المالية الحالية. هذا العجز دفع الحكومات إلى تغطيته من خلال الإقتراض من البنك المركزى والقطاع المصرفى مما أدى إلى زيادة الدين المحلى من ناحية ومزاحمة القطاع الخاص فى التمويل.

وبناءا عليه يتبين أن المخرج من هذه الحالة يكون بالتوجه نحو تحقيق معدلات نمو متزايدة عن طريق زيادة معدلات إجمالى الناتج المحلى والذى يعد الإستثمار من أهم مكوناته لا سيما الإستثمار الأجنبى المباشر فى حالة مصرالآن .ومن هنا تبرز أهمية المؤتمر الإقتصادى العالمى والذى تطمح مصر من خلاله إلى جذب هذه النوعية من الإستثمارات والتى ستسهم فى كثير من الإتجاهات التى تحتاجها مصر الآن مثل تحسين سعر الصرف للجنيه وزيادة الإحتياطى من النقد الأجنبى وزيادة السيولة النقدية وخفض معدلات البطالة ونقل التكنولوجيا والخبرات الإدارية إلى جانب تحويل جزء من قوة العمل إلى عمالة مدربة.

وقد كثرت فى الفترة السابقة وجهات النظر التى تصدر أحكام مسبقة عن نجاح المؤتمر وفشله وهو مانراه غير دقيق وذلك لأن الحكم على المؤتمر بصورة صحيحية يتطلب من القائمين على المؤتمر تحديد أهداف واضحة كمية وكيفية يمكن قياسها بمؤشرات أداء منطقية نستطيع من خلالها أن نحكم إلى أى مدى قد حقق هذا المؤتمر الأهداف المرجوة منه.

قد يكون من الأهداف المعتبرة نوعية المشاركين وليس مجرد عددهم والمبالغ المستهدفة والجداول الزمنية المقررة للإستثمارات المتفق عليها ونوعية المشاريع الإستثمارية المستهدفة بحيث أن يكون التركيز منصبا على المشاريع الإنتاجية والخدمية كثيفة العمالة .

وأيضا عند الحديث عن مدى تحقيق المؤتمر لأهدافه يجب أن نتطرق للجهود التى قامت بها الحكومة من أجل تحقيق ذلك بداية من إصلاح هيكل الدعم والسير فى إجراءات تقليصه للسيطرة على عجز الموازنة والدين الحكومى مرورا بإجراءات البنك المركزى للسيطرة على سعر الصرف وإقترابه من سعره الحقيقى مقابل الدولار و إقرار قانون الإستثمار الموحد إلى جانب الجهود التى بذلت من أجل الترويج لهذا المؤتمر على المستوى الدولى.

وهذه خطوات جيدة و تحتاج إلى مناخ سياسى وأمنى أكثر إستقرارا مما يعظم الفائدة بشكل كبير من مثل هذه المؤتمرات إلى جانب ضرورة إستكمال الخطوة الأخيرة فى خارطة الطريق والمتمثلة فى الإنتهاء من إنتخابات البرلمان.

ورغم أهمية الإستثمار الأجنبى المباشر إلا أننا يجب أن نولى الإهتمام أيضا بالإستثمار المحلى وخاصة المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والتى كان لها دور فعال فى خلق فرص عمل وتماسك الإقتصاد فى الفترة السابقة وتعانى الآن من أزمة ركود حقيقية وتحتاج إهتمام كبير من الدولة.

وأيضا يجب ألا نغفل دور رجال الأعمل المصريين فى إنجاح هذا المؤتمر لما لهم من علاقات تجارية وشراكات مع العديد من المستثمريين والشركات الأجنبية وإمكانية تشجيع هؤلاء المستثمرين على الدخول للسوق المصرى.

وأيا كانت نسبة تحقق الأهداف المرجوة من هذا المؤتمر فالنتيجة الإجمالية بالتأكيد ستكون إيجابية حيث أننا يجب أن نقر بأن التحديات التى يواجهها المناخ الإستثمارى فى مصر ليست بالهينة وأن هذا المؤتمر هو بداية يمكن بتحليل نتائجها بشكل يتسم بالشفافية والمصارحة أن نضع أيدينا على عوامل النجاح التى تساعد على تعظيم الفائدة من الفاعليات القادمة وفى المقابل نتدارك الأخطاء منعا لتكرارها .

 

اللجنة الاقتصادية
حزب الإصلاح والنهضة
الخميس – 12 مارس 2015