تقرير اللجنة السياسية عن الإرهاب في مصر وسبل مواجهته
يُعرَّف الإرهاب على أنه الاستعمال والتهديد بالاستعمال غير المشروع للقوة أو العنف لخلق مناخ عام من الخوف في عدد من السكان، ومن ثمَّ تحقيق هدف سياسي معين.
وإذا نظرنا إلى تاريخ الإرهاب في الحالة المصرية؛ فإن الدولة المصرية تعاني من ظاهرة الإرهاب والعمليات الإرهابية منذ عقود عديدة، وتعتبر مصر من أكثر الدول خبرة بالعمليات الإرهابية والجماعات المسلحة.
تاريخ الإرهاب في مصر:
وباستعراض لمحة تاريخية سريعة عن الإرهاب في مصر نبدأها منذ ثورة 23 يوليو، فقد تعرض الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر لعدة محاولات اغتيال في حياته، كان من بينها محاولة اغتيال نُسبت لأحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وقد نفت الجماعة علاقتها بالحادثة.
وتصاعدت العمليات الإرهابية الداخلية لتهدد الأمن القومي المصري كحادثة الفنية العسكرية
عام 1974، كما يعتبر اغتيال الرئيس محمد أنور السادات تطور نوعي للعمليات الإرهابية من حيث التخطيط أو نوعية الأفراد.
وتنوعت واختلفت أشكال الهجمات الإرهابية التخريبية في مصر كمذبحة الأقصر 1997، مرورًا بتفجيرات سيناء 2004، وهجمات إرهابية في القاهرة يومي 7 إبريل و30 إبريل 2005، وكذلك هجمات شرم الشيخ 2005، ومذبحة نجع حمادي 7 يناير 2010 فضلًا عن تفجيرات كنيسة القديسين 2011.
وبعد ثورة 25 يناير 2011 وموجتها الثانية في 30 يونيو 2013، أطل شبح الإرهاب برأسه من جديد، حيث قامت الجماعات الإرهابية بالعديد من العمليات ضد قوات الجيش والشرطة المصرية، وشهدت هذه العمليات الإرهابية نقلة نوعية فى الشكل والطريقة والأدوات المستخدمة، كما تركزت بشكل كبير في سيناء، وظهرت تنظيمات إرهابية جديدة مثل تنظيم أنصار بيت المقدس، والذي نفذ العديد من تلك العمليات الغادرة مثل؛ تفجير مبنى المخابرات الحربية بمدينة رفح الحدودية في 11 سبتمبر 2013 بحي الإمام على، الذي سقط على أثره 6 شهداء و17 مصاباً، وكذلك تفجير مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة في 24 ديسمبر 2013، بالإضافة إلى تفجير مديرية أمن جنوب سيناء في 7 أكتوبر 2013، والذي راح ضحيته 5 جنود وحوالي 50 مصاباً.
وإبان احتفالات الذكرى الثالثة لثورة 25 من يناير، تبنت تلك الجماعة تفجير مديرية أمن القاهرة في 24 يناير 2014 ، والذي راح ضحيته 5 قتلى و74 مصاباً، كما تزامن مع هذا التفجير، ثلاثة تفجيرات أخرى استهدفت مركبات الأمن المركزي قرب محطة مترو البحوث في منطقة الدقي، ومركزاً للشرطة في منطقة الهرم.
وأخيرًا جاءت عملية كرم القواديس التي استهدفت جنود الجيش المصري، وكذلك حادثة لنش دمياط في نوفمبر 2014 التي تعد سابقة للعمليات الإرهابية في مصر وفيها حاصرت مجموعة من بلنصات الصيد لنشا تابعا للقوات البحرية المصرية وأطلقت عليه النار وقذائف الار بي جيه مما أدى إلى احتراقة وإصابة 5 من أفراد اللنش وفقد 8 آخرين.
تحديات الإرهاب:
ينبغي علينا أن نحدد أبرز التحديات التي تقف أمام مصر في مواجهة الإرهاب والتي تتخلص فيما يلي:
أولا: النقلة النوعية للإرهاب في مصر والتي هي نتاج تطور الإرهاب العالمي والإقليمي خاصة في الدول المجاورة، حيث يعد صورة متطورة لما عهدناه في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وشمل تطور الإرهاب نوع الأفراد وجنسياتهم والأدوات والاستراتيجيات المستخدمة إضافة إلى الأهداف المعلنة وغير المعلنة، حيث أصبحت تلك العمليات تنصب بصفة رئيسية على أقسام الشرطة ومديريات الأمن والكمائن المرورية، وكذلك استهداف قوات الجيش في سيناء. ومن حيث الأدوات؛ فقد تطورت باستخدام الأسلحة الصغيرة إلى الثقيلة والمتطورة، وهذا ظهر واضحاً في إسقاط الطائرة العسكرية في سيناء بصاروخ (سام 7)، كما أن تنفيذ هذه العمليات ينم عن دراية كبيرة باستخدام الأسلحة المتطورة.
ثانيا: حالة السيولة الأمنية والانفلات الأمني في المنطقة المحيطة بمصر فنجد أن جميع حدود مصر أصبحت ملتهبة فالحدود الغرببية مع ليبيا تعاني الآن من حرب أهلية طاحنة وكذلك الحدود مع إسرائيل وفلسطين والأحداث الدامية في سوريا كما أن الجنوب لم يسلم من النزاعات والاقتتال، كما دخلت إلى مصر كميات كبيرة من الأسلحة ساهمت بشكل كبير في نشاط الجماعات الإرهابية، ونمت على السطح تنظيمات خطيرة في المنطقة مثل داعش وأنصار بيت المقدس، وهذا الأمر يمثل تحدياً خطيراً على الأمن القومي المصري برمته، لأنه لا يتعلق بالداخل فقط، بل أصبحت الجماعات الإرهابية تنشط في محيطنا الإقليمي، ناهيك عن الروابط والصلات التي تجمع بين تلك التنظيمات وبعضها البعض.
ثالثا: الدعم الخارجي للجماعات الإرهابية سواء كان دعماً إقليمياً أو دعماً عالمياً لتحقيق أهداف الدول المعادية لمصر والتي من مصلحتها أن تظل الدولة المصرية منشغلة بمحاربة الإرهاب والذي يستنذف موارد الدولة ويوجهها من تنمية مصر إلى حماية أمنها، حتى لا تقوى لمصر شوكة ولا تقوم لها قائمة.
روشتة القضاء على الإرهاب:
الإرهاب لا يمكن القضاء عليه تماماً بدون استراتيجية كاملة لتجفيف منابعه واقتلاعه من جذوره، وهذه الاستراتيجية تقوم على محاور عدة أبرزها:
1. تجفيف منابع الإرهاب عن طريق زرع الوعي والثقافة عند المصريين وخاصة الأجيال الشابة مما يعطيهم وقاية ضد الافكار الإرهابية الهدامة، وربط الإرهاب لدى المواطن بتدمير الاقتصاد وانخفاض القدرة الشرائية للفرد في مصر.
2. توفير المناخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المناسب للشباب المصري حتى لا ينشغل عن بناء مصر بأفكار متطرفة هدامة.
3. إعادة تشكيل جهاز معلوماتي كفء لجمع المعلومات عن تلك التنظيمات الإرهابية.
4. رفع الكفاءة لدى أفراد الجهات الأمنية المنوطة بمواجهة الإرهاب لمواكبة التطورات الحديثة سواء على المستوى القتالي أو المستوى النفسي أو مستوى المعدات والأجهزة المستخدمة.
5. دولة سيادة القانون من أهم مرتكزات محاربة الإرهاب.
6. العمل على توحيد الصف المصري وإيجاد أرضية مشتركة بين القوى المجتمعية الفاعلة.
7. تنفيذ ضربات وقائية استباقية ضد الخلايا الإرهابية وإحباط مخططاتها وشل قدراتها في الزمان والمكان المناسبين.