التسعيرة الجبرية … قرار سياسي أم اقتصادي؟
بقلم: تامر القاضي
عضو اللجنة الاقتصادية
في الوقت الذي نحن فيه في أشد الحاجة إلى رفع المعاناة عن كاهل المواطن المصرى وخاصة محدودى الدخل منهم، تطالعنا الصحف بأن الحكومة المؤقتة قد عقدت العزم على فرض تسعيرة جبرية على بعض المنتجات، وإن كان هذ القرار في ظاهره حلًّا لمشكلة ارتفاع الأسعار، إلا أن حقيقته ليست في مصلحة المواطن على الإطلاق،
والسبب في ذلك أن هذا القرار الذى تتبناه الحكومة سوف يؤدي إلى إنتعاش السوق السوداء، والذى تص23بح فيه الأسعار مرتفعة حتى عن المعدلات الموجودة قبل فرض التسعيرة، وإذا إفترضنا أن منظومة الرقابة قوية بدرجة تكفى لمنع السوق السوداء فإن التجار قد يحجموا عن التداول ويتوقفوا عن العمل وتتوقف سلسلة الإنتاج بأكملها، فيقل المعروض عن الطلب وتعود مشاهد الطوابير على السلع مرة أخرى إلى مصر.
فضلًا عن ذلك فإن مثل هذه القرارت تكون طاردة للاستثمار، لأن المستثمر يجتذبه السوق المفتوحة، والتى تحكمها إجراءات وقوانين ثابتة ومستقرة تحافظ على حرية التداول، أما الأسواق التى تحكمها حكومات لا يؤمن تدخلها في أى لحظة في آليات السوق الحر بطرق متعددة؛ كالتسعير الإجبارى أو التأميم أو المصادرة، فهي تعد أسواق طاردة لهذا النوع من الاستثمار.
ولذا يتضح لنا مما سبق أن مثل تلك القرارات إن لم تكن مدروسة بدقة وتوابعها محسوبة بحرص فإن ضررها قد يصبح أكثر من نفعها، وهنا يبرز سؤالًا مهمًا: هل هذا قرار سياسى لتهدئة الشارع المصري والذي يكتوي بنار الأسعار المرتفعة يومًا بعد يوم، أم هو قرار إقتصادي مبنى على دراسة مستفيضة لكل منتج وتكلفة إنتاجه وتداوله حتى يصل إلى يد المستهلك المصري؟
وفي الختام أؤكد أنه على الحكومة المؤقتة تفسير مثل هذا القرار وتفاصيله وكيفية تطبيقه ودراسة آثاره ومناقشته مع الغرف التجارية والتجار، وإجراء حوار مجتمعى مستفيض قبل الخوض فى مثل هذا الإجراء.