الحكومة .. ما بين #عشان_لو_جه_ميتفاجئش و إحصائيات الصحة العالمية
بقلم مصطفى كُريــم
لا يحتاج وزير الصحة ولا رئيس الحكومة إلى جولات أقرب إلى الشو الإعلامي منها إلى حل مشكلات المواطنين في قطاعات عدة من أهمها الصحة، وربما ليسوا بحاجة أيضًا إلى هاشتاج #عشان_لو_جه_ميتفاجئش لبيان مشاكل قطاع الصحة، أو قل إن شئت كوارث قطاع الصحة، يكفي بضغط زر أن يطلع رئيس الوزراء أو وزير الصحة على إحصائيات القطاع الصحي المصري على المواقع العالمية، كموقع منظمة الصحة العالمية، وموقع إحصائيات البنك الدولي، وإن تساءلت لماذا المواقع العالمية وليس المصرية الرسمية، فتعرف بداية على الإحصائيات الهامة، وستعلم لماذا من المواقع العالمية وليست من المواقع الرسمية المصرية؟
تعتبر مصر من أقل الدول إنفاقاً على الصحة، حيث يقتصر نصيبها في موازنة 2011- 2012/ 2012- 2013 / 2013 – 2014 على 5.5% ، رغم أن المعدل الدولي الذي تم إقراره في قمة الألفية بالأمم المتحدة هو 15 %، وتكفي مقارنة بسيطة بين 5.5% وبين 13.7% في دولة فقيرة للغاية مثل بوروندي، أو (13.5%) في بوركينا فاسو، أو (14.5%) في دولة مغمورة تدعى ليسوثو، بينما أصبحت مصر في زمرة مجموعة من الدول مثل تشاد (5.9%)، كينيا (5.9%)، وغيرها.
وتبلغ نسبة الأسرة إلى السكان في مصر 1.6 سرير لكل 1000 مواطن، بينما تبلغ النسبة فى الهند 5 أسرة لكل 1000 مواطن، وعدد الأطباء في مصر 62.076 طبيب بنسبة0.7 طبيب لكل 1000 من السكان بينما المعدل في الدول المتقدمة، أعضاء منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية(OECD) هو 3 أطباء لكل 1000 من السكان، وبالمثل بلغ عدد هيئة التمريض في مصر 110.744 بنسبة 1.7 لكل 1000 من السكان، بينما النسبة في الدول أعضاء منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، هي 8.9 ممرضة لكل 1000 مريض.
كل تلك الأرقام في ظل غلبة القطاع الخاص الذي من المفترض أنه يقدم خدمة متميزة في الجودة ومرتفعة في السعر، وحتى هذه الأرقام على ضعفها فهي غير متوفرة لجميع المواطنين، حيث تبلغ نسبة القطاع الخاص 59.3% من حجم القطاع الصحي في مصر مقابل 40.7% للقطاع العام، بينما نرى الدول الفقيرة المتفوقة على مصر في الإنفاق على الصحة، يحتل فيها القطاع العام نسبة أكبر من القطاع الخاص، حيث يحتل القطاع العام الحكومي في دولة مغمورة مثل ليسوثو نسبة 80% تقريبًا من القطاع الصحي.
وبمطالعة موقع الهيئة القومية للاستعلامات، تجد أن المقال الوحيد المنشور عن إحصائيات القطاع الصحي بتاريخ 30-9-2009 مع بعض التحديثات آخرها عام 2011، وأن آخر إحصائية عن تطور الوضع الصحي تتحدث عن زيادة السكان وليس عن وضع الرعاية الصحية، ربما في إشارة أو تبرير لضعف الواقع الصحي في مصر بسبب الزيادة السكانية، وهو تبرير لم يعد مقبولًا، لأن هناك دول متقدمة تنمويًا واجتماعيًا واقتصاديًا مع أن بها أضعاف أعداد السكان الموجودة في مصر، حيث تبلغ نسبة القطاع العام في في الصين مثلًا ما يقارب 60% من القطاع الصحي بينما في مصر 40% فقط، رغم أن الصين يبلغ تعداد سكانها ما يزيد عن المليار نسمة.
أما إذا أردت أن تصل إلى معلومة من موقع وزارة الصحة المصرية، فهو أمر في غاية السهولة، حيث يمكنك بضغطة زر واحدة الوصول إلى الموقع ومنه إلى نافذة الإصدارات ومنها إلى الدليل الموحد للمؤشرات الصحية، ليفاجئ الرابط الخاص بمشاهدة الدليل بأنه لا يعمل، وهذا على مدار عدة أيام، وربما يستمر الأمر لشهور، في غياب أو تغييب متعمد للإحصائيات والأرقام الرسمية، وفي عدم وجود شفافية، تدفع الباحثين وراء المعلومة إلى تلقيها من المواقع العالمية بدلًا من أن تكون متوفرة على المواقع الرسمية المصرية.
كل ذلك يمكن للوزير ورئيس الوزراء تحصيله في دقائق عبر شبكة الإنترنت، وأعتقد أن ذلك كفيلًا لهم بألا يفاجئوا حين يجدوا القطط تجاور المرضى على الأسرة، والثعابين والبوم يسكن الوحدات الصحية.