الإصلاح والنهضة
الإصلاح والنهضة هو حزب مدني يحتضن دون تمييز جميع المواطنين وينطلق من أرضية مشتركة لترسيخ دعائم الدولة المدنية وإحترام سيادة القانون والدستور والمواطنة والتعددية

تفجيرات إيلات … أسئلة حائرة وسيناريوهات كاشفة


عصام زيدان

ألغاز كثيرة تلف التفجيرات التي وقعت في مدينة إيلات “أم الرشراش” يوم الخميس الماضي, تتعلق جميعها بمن أقدم على هذا العمل؟ ولماذا اختار هذا التوقيت على وجه التحديد؟ وما المكاسب التي يريدها من وراء هذه التفجيرات؟

ومما يزيد الأمر غموضًا، أن أي فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية لم يعلن عن تبنيه لهذه التفجيرات, حتى الآن, على خلاف ما هو معتاد من مسارعة منفذي العمليات الفدائية للإعلان عن هويتهم بعد نجاحهم في تنفيذ العمليات مباشرة, خاصة إذا أسفرت عن وقوع قتلى في جانب الاحتلال الإسرائيلي.

فلجان “المقاومة الشعبية” نفت أية صلة لها للتنظيم بالهجمات, مؤكدة أن الاحتلال يريد إلصاق عملية إيلات بلجان المقاومة في محاولة لإغلاق الملف والهروب من أزمته الداخلية.

من نفذ عملية إيلات؟

يبقى السؤال حائرًا: من نفذ تفجيرات إيلات؟

قد يكون من المبكر معرفة جهة محددة نفذت تلك العملية, ولكننا بالنظر إلى المعطيات الداخلية في إسرائيل, الأوضاع الإقليمية المحيطة خاصة في مصر وسوريا, وباستقراء واقع  الحركات المسلحة قد نقترب كثيرًا من جهات قد يكون لها مصالح مباشرة في تنفيذ هذه العملية.

السيناريو الأول:

أول الجهات المستفيدة منها قد يكون الاحتلال الإسرائيلي نفسه, والذي يعيش مأزقًا داخليًّا كبيرًا عقب تفجر المظاهرات المنددة بالحكومة, والتي رفعت أصواتها بمطالب معيشية واقتصادية واضحة, ربما تكون هي الأولى في تاريخ الاحتلال التي يواجه فيها تنديدات داخلية على هذا النحو.

وهو إذ يقوم بهذه العملية يمكن أن يحقق من ورائها عدة مكاسب؛ منها:

أولًا: إعادة توحيد الجبهة الداخلية وراء الحكومة بدعوى الظرف الزمني الذي تمر به إسرائيل, ووجود أكثر من عدو مشترك يهدف إلى زعزعة الأمن وتهديد إسرائيل, وهو ما يخفف من حدة المظاهرات الغاضبة والانتقادات الموجهة للحكومة.

ثانيًا: إعادة تدوير العجلة الأمنية مرة أخرى, بما يحقق الردع الذي تعتمد عليه إسرائيل في مواجهة الحركات والفصائل الفلسطينية، والتي التزمت بحالة الهدوء حتى الآن, واستدراجها مرة أخرى لعملية استنزاف وقطع الطريق أمام إعادة تسليحها وتهيئتها لخوض معارك صعبة مستقبلًا.

ثالثًا: استغلال الظرف الأمني والسياسي الذي تمر به مصر وفرض أوضاع جديدة على الحدود وفي سيناء على وجه التحديد, تحت مبرر أن السلطات المصرية غير قادرة على حماية الحدود, وهو ما قد يُستغل من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي في فرض منطقة أمنية داخل الحدود المصرية.

ولإسرائيل سوابق عديدة في مجال القيام بعمليات من هذا النوع، وربما أكبر من ذلك، تحقيقًا لأهداف سياسية وأمنية, وأكثرها تذكرًا حادثة إغراق طائرات حربية إسرائيلية وطوربيدات من البحرية الإسرائيلية سفينة التجسس الأمريكية ليبرتي، وسقوط 34 قتيلًا أمريكيًّا وعشرات الجرحى الآخرين من طاقمها.

السيناريو الثاني:

وبعيدًا عن الداخل الفلسطيني، وبالنظر إلى الأوضاع الإقليمية، وبالنظر إلى الثورة في سوريا, قد نجد عناصر نائمة لحزب الله اللبناني بدأت تنشط في المنطقة لإشعال حرائق عديدة في أكثر من مكان في محاولة لتخفيف الضغط عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإشغال الرأي العام العالمي والإقليمي بحوادث أخرى.

ويستند هذا السيناريو على أن حزب الله اللبناني لديه من الإمكانات المادية والتكنولوجية ما يؤهله للقيام بهذه العمليات, هذا من ناحية, ومن ناحية ثانية, قد نجده مدفوعًا وبقوة للقيام بهذه التفجيرات بعدما استشعر المخاطر التي تقترب منه وتحيط برقبته من جراء الثورة المطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، الداعم الأكبر والسند القوي لحزب الله.

ومما يدعم هذا السيناريو، أن عناصر من حزب الله سبقت وتسللت إلى المنطقة ولاحقتها السلطات المصرية السابقة, وكانت تعتزم القيام بعمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي خدمة ربما للنظام السوري أو الإيراني.

السيناريو الثالث:

ينطلق من تصور لحالة الرخاوة الأمنية التي تعيش فيها الأمة المصرية, والتي قد تسعى بعض الأطراف والحركات الجهادية المحلية لاستغلالها في تثبيت أقدامها في مناطق بعيدة عن السلطة المركزية.

وهذه الحركات, وكرد فعل على الهجمات التي قام بها الجيش المصري مؤخرًا سعت إلى توريط القيادة المصرية في مواجهات مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي, فانتقلت من سيناء هربًا من ملاحقة القوات المصرية, ووجدت الفرصة المتاحة لتنفيذ عملياتها في إيلات.

السيناريو الرابع:

وهو قريب من السيناريو السابق, ولكن في هذه المرة يرتكز التحليل على تنظيم القاعدة الذي يعيش ورطة حقيقية تتمثل في أمرين:

أولًا: عدم قدرته على القيام بعمليات كبيرة ومؤثرة منذ ما يقرب من 10 سنوات, إضافة إلى اغتيال العديد من قادته المؤثرين، ومنهم زعيم التنظيم أسامة بن لادن قبل عدة أشهر في باكستان.

ثانيًا: وهو الخطر الأكبر الذي يتهدد تنظيم القاعدة، وهو عدم قدرته على تحقيق أي تقدم على صعيد مواجهة السلطات في الدول العربية, فلم يستطع التنظيم أن يجبر حاكمًا على التنحي أو الرحيل طوال سنوات عمله, وهو ما قامت به الشعوب في بضعة أيام, وهو ما يعني حالة من الفشل الاستراتيجي تواجه التنظيم في هذه المرحلة.

إزاء هذا الوضع قد يسعى تنظيم القاعدة إلى محاولة استعادة شعبيته مجددًا من خلال أمرين:

الأول: القيام بعمليات عسكرية مجددًا لإعادة التنظيم إلى الواجهة الإعلامية.

الثاني: تغيير استراتيجية المواجهة من مواجهة مع العدو القريب (الحكومات العربية), إلى مواجهة مع الاحتلال (العراق, فلسطين, وأفغانستان).

وعلى ضوء هذا التصور؛ ربما يكون تنظيم القاعدة ضالعًا في هذه الهجمات, مغيرًا استراتيجية المواجهة, محاولًا استعادة دوره في عمليات المقاومة بعد انحسارها بسبب الثورات.