المحامين والداخلية .. “خناقة شخصية” أم “حالة ثورية” أم “منظومة حقوقية مؤسسية”؟!
العلاقة بين المحامين وضباط الشرطة دائماً متوترة ومضطربة ومليئة بالمشاحنات والسباب والأشباك بالأيدي، وأخيراً وصل الأمر إلى القتل!
الإضراب العام الأخير الذي دعت إليه النقابة العامة للمحامين ليس بالأمر الجديد حيث سبق وأن أضرب المحامون قبل ذلك في بعض المحافظات احتجاجاً على سوء معاملة بعض الضباط وأحياناً بعض القضاة أو وكلاء النيابة.
غير أن الجديد هذه المرة هو أن إضراب المحامين تضمن حرق صورة وزير الداخلية أمام النقابة العامة للمحامين، وشهد تضامناً من بعض القوى السياسية والثورية مع المحامين ضد وزارة الداخلية.
وهو الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن الرؤى المتعددة لهذا الإضراب من وجهات النظر المختلفة للأطراف المتفاعلة معه حقوقية كانت أم سياسية، وعن المصالحة التي تقف وراء ها التفاعل سواء كانت مصالح شخصية وسياسية وأم كان الدافع المصلحة العامة الدستورية.
فالبعض يتفاعل مع القضية من منظور مهني بحت ساعياً إلى استعادة كرامة وصلاحيات المحام أمام وفي مواجهة جهاز الشرطة، مما يظهر الأمر في صورة شخصية أو فئوية.
والبعض يرى القضية من منظور سياسي حيث أن بعض القوى السياسية تعلن تضامنها مع المحامين من باب الـأكيد على إنحيازاتها أو تحقيق مكاسب سياسية من القضية والتناول الإعلامي لها.
بينما البعض يدعم القضية من منطلق ثوري بحت عبر منظور يرى أن كل ضحية للداخلية أو معاد لها هو زميل ورفيق له في الخندق الثوري، ويسعى هؤلاء لتوحيد الصفوف ضد الداخلية وصبغها بالصبغة الثورية.
وفي حقيقة الأمر فإن استمرار النظرة الجزئية للملف الحقوقي في مصر لن يجدي ولن يساعد على تحقيق تقدم ملموس بشأنه، فنحن في حاجة ماسة لبلورة رؤية متكاملة للمنظومة الحقوقية في مصر في ظل الدستور الجديد تؤكد على سيادة القانون وحماية الحريات في إطار احترام المؤسسية.
وذلك بداية من:
1- إصلاح العملية الانتخابية كي تفرز نواباً يقدرون الحقوق والحريات العامة ويضعونها على رأس أولوياتهم التشريعية.
2- إصلاح المؤسسة الشرطية لتأهيل أفراد الأمن لتفعيل وتطبيق القوانين المنظمة لحقوق وحريات المواطنين واحترامها.
3- إصلاح المؤسسة القضائية لتحقيق العدالة الناجزة خاصة في المنازعات الخاصة بالحقوق والحريات.
4- تفعيل دور نقابة المحامين ولجانها المختلفة لتقوم بالدفاع عن أي انتهاك لحقوق وحريات المواطنين بصفة عامة وليس حقوق المحامين وحسب.
5- تفعيل دور المجلس القومي لحقوق الإنسان والمؤسسات الحقوقية الوطنية بصورة تقى الوطن من تدخلات المؤسسات الحقوقية الخارجية ذات الأجندات الخفية.
6- التأكيد على أهمية دور الإعلام الموضوعي في مجال قضايا الحقوق والحريات وتسليط الضوء عليها، وتوعية المواطنين بها عبر تفعيل الدور الحقوقي لنقابة الصحفيين.
وفي الختام نؤكد على:
– أن المصلحة الوطنية تتطلب تعاوناً وثيقاً بين نقابة المحامين ووزارة الداخلية، وباقي أطراف المنظومة الحقوقية من قضاء وإعلام ومؤسسات حقوقية.
– أن إخراج الأمر على أنه صراع شخصي أو مهني أو سياسي بين المحامين وضباط الشرطة أو بين نقيب المحامين ووزير الداخلية لا يصب في صالح الملف الحقوقي بل يمزقه ويؤدي إلى تراجعه.
– رفضنا القاطع لإي إهانة يتعرض لها أي مواطن مصري من أي جهة.