الوقاية من الفساد تحمي المسار التنموي للجمهورية الجديدة
بقلم الدكتور عمرو نبيل، نائب رئيس حزب الإصلاح والنهضة
جعلت الأمم المتحدة اليوم التاسع من ديسمبر يوماً دولياً لمكافحة الفساد، وعلى الرغم من تأكيد المؤسسات والمنظمات الدولية على مخاطر الفساد عبر العديد من تقارير ودراسات أرفع المؤسسات الجامعية والبحثية بمشاركة أبرز خبراء الاقتصاد والسياسة والاجتماع والإدارة والقانون ألا أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لم تضع تعريفاً للفساد، وذلك على الرغم من تقديم العديد من الدول خلال الاجتماعات التحضيرية للاتفاقية لتعريفات كثيرة للفساد لكن بدون اتفاق على تعريف محدد.
والسؤال هنا كيف سنكافح ما لا يمكننا تعريفه؟ على الرغم من أننا نعرف مظاهره جيداً، وندرك ما يسببه من مخاطر مالية واقتصادية ومؤسسية ومجتمعية وسياسية على التنمية والاقتصاد والتوظيف وسيادة القانون والتعليم والصحة والتنافسية والإنتاجية والرضاء العام… إلخ.
وتتعدد تعريفات وتقسيمات الفساد الفرعية، من فساد كبير وفساد صغير إلى فساد مالي وفساد إداري…. إلخ
وبعيداً عن كثرة التعريفات والتقسيمات فإنه يمكننا أن نتفق على أن جوهر الفساد يكمن في كونه يعد تفضيلاً وإعلاءً لمصالح خاصة على المصلحة العامة للمجتمع.
ويتناقض إعلاء المصالح الخاصة على المصلحة العامة ليس فقط مع جهود تحقيق التنمية فحسب وإنما الأخطر من ذلك أنه يتعارض مع فكرة وأساس الدولة في حد ذاتها.
فالفساد أكبر عائق وتحدي للجهود التي تهدف لتحقيق أهداف التنمية الشاملة الاحتوائية المستدامة، وبالتالي تنعكس جهود مكافحة الفساد إيجابياً على تحقيق الأهداف التنموية وتسخير المزيد من الموارد للتنمية ووقف نزيفها.
كما أن الفساد يهدد أساس فكرة الدولة التي قامت من أجل الصالح العام لكل شعبها حيث أن الفساد يؤثر على ثقة المواطن في الدولة التي بالنسبة له هي مجموعة المصالح الحكومية التي يتعامل معها.
ولذلك ثار الشعب المصري في 25 يناير و30 يونيه فلم يكن الحزب الوطني سوى جماعة مصالح وضعت مصالحها فوق مصالح مصر وشعبها، ولم تكن “الإخوان” سوى جماعة استغلت الدين لوضع مصالحها فوق مصالح مصر وشعبها.
ومن هنا نجد أن حماية المسار التنموي للجمهورية الجديدة يتطلب أن ننتقل من الحديث عن “مكافحة” الفساد إلى الحديث عن “الوقاية” من الفساد، فمكافحة الفساد الذي يقع إنما تقوم به المؤسسات المعنية بذلك أما الوقاية من الفساد في مسئولية مجتمعية مشتركة تتضافر فيها جهود الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد.
للإعلام دور هام وحيوي في الوقاية من الفساد وكذلك للمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية عبر نشر وغرس وتعزيز القيم والأخلاق، وللمؤسسات الخاصة والحكومية دور في الوقاية من الفساد عبر تعزيز الحوكمة والمؤسسية، وللأفراد دور في الوقاية من الفساد عبر رفضه ومواجهته وفضحه والإبلاغ عنه، حيث تساعد وسائل التواصل الاجتماعي بقوة في ذلك، ثم يأتي دور المؤسسة التشريعية عبر سن العديد من التشريعات الخاصة بالوقاية من الفساد، وأخيراً يأتي دور مؤسسات مكافحة الفساد في ضبط الفساد ثم المؤسسة القضائية في توقيع العقوبات الرادعة.
وفي اليوم الدولي لمكافحة الفساد على كل مصري وطني أن يعي أن الوقاية من الفساد عملية مستمرة وضرورية لحماية المسار التنموي للجمهورية الجديدة.