هل هي أزمة “نقص الدولار”، أم أزمة “سياسات اقتصادية”؟
بقلم: تامر القاضي عضو اللجنة الاقتصادية، بحزب الإصلاح والنهضة
هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التى تمر فيها مصر بمثل هذه الأزمة فقد حدثت فى الثمانينات عدة أزمات مر خلالها سعر الدولار بأكثر من مرحلة بدأت بسعر 83 قرش فى 1981 حتى وصل الى 340 قرش فى 1997 وتكررت الأزمة فى 2003 بعد اتخاذ قرار تعويم الجنيه ووصل سعر الدولار فى السوق السوداء الى مايقارب ال 7 جنيهات ثم هبط الى ال 530 قرش.
والحقيقة أن الأزمة ليست أزمة الدولار ولكنها عرض لأزمة أخرى أعمق وهى أزمة السياسة الاقتصادية المتبعة فى مصر منذ عشرات السنين وطبيعة الاقتصاد المصرى الذى لايمكن وصفه بأنه اقتصاد انتاجى بل هو أقرب الى كونه اقتصاد استهلاكى فالاحتياجات الأساسية للمجتمع المصرى يتم استيرادها الى جانب أن القطاع الصناعى والزراعى يعتمد فى مدخلاته بشكل كبير على مكونات ومستلزمات أجنبية واتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية فتحت الأسواق المصرية أمام الكيانات التجارية العالمية وكلها عوامل تسبب الضغط على سعر الصرف وبالتالى ارتفاع سعر الدولار .
وبناءا عليه يمكن اعتبار الأزمة الأخيرة بمثابة جرس الانذار حيث وضعتنا جميعا أمام حقيقة يجب أن نواجهها مواجهة صحيحة ويجب أن نعلم أن حلها لن يكون فى الأمد القريب وليس حلها فى يد البنك المركزى وحده أو وزارة الماليه وحدها ولكن يحتاج الخروج من هذه المعضلة الى تضافر كل مؤسسات الدولة المعنية فى سبيل وضع خطة للتنمية يكون هدفها التحول من الاقتصاد الاستهلاكى الى الاقتصاد الانتاجى ويكون للقطاع الصناعى النصيب الأكبر من الاهتمام.
وأن تلعب الحكومة دور الداعم والراعى للأنشطة الصناعية باختلاف أحجامها وخاصة الصغيرة منها ومتناهية الصغر وأن تضع على عاتقها مسؤولية تيسير وتذليل كل العقبات التى تحول دون قدرة هذه الأنشطة على الانتاج والتوسع ورفع قدراتها التصديرية وامتلاك المزايا التنافسية، ومثل هذه الخطوة يمكن اعتبارها المشروع القومى الذى تحتاجه مصر الآن .