ضريبة الأرباح الرأسمالية، ما لها وما عليها
بقلم محمد السيد – عضو اللجنة الإقتصادية
طالعتنا بعض الصحف والمواقع الإخبارية بتسريبات تتضمن نية الحكومة فى فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية بالبورصة ثم صدر بيان عن وزارة المالية تؤكد فيه ان حساب الضريبة على الارباح الرأسمالية بالبورصة سيكون على صافي قيمة المحفظة السوقية في نهاية السنة وذلك مقارنة بقيمتها في تاريخ اقرارالقانون بغض النظر عن تاريخ الشراء السابق لاقرار هذا القانون مع الاخذ في الاعتبارانه سيتم ترحيل اية خسائر يحققها المستثمر لمدة ثلاثة سنوات قادمة ، ثم فوجئنا فى اليوم التالى لهذا القرار بخبر صحفى عن الغاء الحكومة لقرارها بعد اجتماع مطول بين كلاً من وزيرى الاستثمار والمالية ومسئولى سوق المال ومحافظ البنك المركزى ، ثم الحديث عن أنها لم يتم اقرارها فعلياً وأنها مازالت موضع دراسة.
وبصرف النظر عن اقرار هذا القانون من عدمه نتعرف بصورة مبسطة على ضريبة الأرباح الرأسمالية ، وهى الضريبة التى تفرض عند بيع أصل رأسمالى فمثلا إذا قرر شخص أن يبيع حصته فى شركة بقيمة أعلى من قيمتها عند دخوله كشريك فإنه يتحمل هذه الضريبة لأنها عملية بيع نتج عنها ربح وبالقياس على البورصة تكون هذه الضريبة مستحقة على نتيجة بيع الأسهم المملوكة للمستثمرين إذا تم بيع السهم بسعر أعلى من سعر شرائه .
فى الولايات المتحدة الأمريكية تختلف نسبة الضريبة على الأرباح الرأسمالية تبعا لمدة إمتلاك السهم ، فإذا مر أكثر من عام على إمتلاك السهم وقرر حامله بيعه فإن نسبة الضريبة تتراوح بين 0 % إلى 20 % حسب الشريحة التى يقع فيها حامل السهم بالنسبة لضريبة الدخل فإذا كان مثلا يدفع ضريبة دخل 15 % تكون نسبة الضريبة على بيع السهم 0% وإذا كان يدفع ضريبة دخل 39.6% تكون نسبة الضريبة على بيع السهم 20% وهذا بالطبع إذا تحقق ربح فى حالة بيع السهم ، أما إذا مر أقل من عام على إمتلاك السهم وقرر حامله بيعه فإن نسبة الضريبة تكون هو نفس نسبة ضريبة الدخل التى يدفعها.
وتبعا لهذا البيان هناك بعض التحفظات التى تطرح نفسها بقوة ، أولها أنه يفهم من البيان أن هذه الضريبة كانت ستفرض على صافى قيمة المحفظة السوقية فى نهاية السنة وهذا يعنى أنها غير متعلقة بحدوث حركة بيع بقدر ماهى متعلقة بالفرق بين قيمة ماتحتويه المحفظة من أسهم وسندات فى أول المدة وقيمتها فى السوق فى نهاية المدة وهذا آلية غير عادلة لأن قانون الضرائب الحالى لا يفرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على الأصول إلا فى حالة بيعها وليس فى حالة زيادة قيمتها فكيف يتم إستثناء حاملى الأسهم من هذا الشرط ولا يعاملوا بالمثل.
ثانيا أن هذه الآلية التى تطرحها وزارة المالية ستضر بالإستثمار فى مصر وذلك لأن البورصة فى حد ذاتها هى وسيلة إتصال بين رؤوس الأموال التى يبحث أصحابها عن فرص للإستثمار والشركات التى تبحث عن تمويل لتوسيع نشاطها وزيادة إنتاجها وهو مايصب فى صالح الإقتصاد القومى من توفير فرص عمل وزيادة لإجمالى الناتج المحلى ، وبالتالى لا ينكر أحد أهمية هذه المؤسسة المالية ولكن تحولت البورصة فى مصر إلى نادى للمضاربة وأصبحت الأسهم سلعة فى حد ذاتها يمكن التربح من خلال التلاعب فى أسعارها عن طريق الشائعات أو الممارسات المشبوهة أو الفساد فمثلا يدخل شخص ليشترى أسهم منخفضة السعر لشركة أداؤها متعثر ثم سرعان مايزيد سعر هذا السهم رغم إستمرار تأخر أداء الشركة فتحدث عمليات بيع ينتج عنها أرباح هائلة لا يقابلها نشاط إنتاجى أو ضرائب دخلت خزينة الدولة ، وهنا تظهر الحاجة إلى قانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية للسيطرة على هذا النوع من التلاعب وضمان جدية المستثمرين ، ولكن تطبيقها بهذه الآلية التى ذكرها بيان وزارة المالية والتى لا تفرق بين المستثمر الجاد والمضارب قد يؤدى إلى نفور المستثمرين الجادين لعدم وجود ميزة تنافسية للبورصة المصرية عن غيرها.
ثالثا التوقيت غير مناسب لفرض هذه الضريبة وذلك لأن مصر الآن لا تمر بظروف إقتصادية طبيعية والخروج من هذه الأزمة لن يكون إلا بضخ إستثمارات ينتج عنها نشاط إنتاجى يصب فى صالح الناتج القومى وبالتالى نحناج إلى تشريعات جاذبة للإستثمار الجدى وفى نفس الوقت مصححة لمسار البورصة وداعمة لدورها الحقيقى فى التنمية.
وبناءا عليه نقترح عند إقرار مثل هذا القانون أن تفرض هذه الضريبة كمرحلة أولى على أرباح بيع الأسهم التى مر على إمتلاكها أقل من عام ويعفى منها أرباح البيع للأسهم التى مر على إمتلاكها أكثر من عام ، ومع تعافى الإقتصاد وتحسنه يتم فرضها على ما يتم بيعه بعد العام . وبذلك نضمن عدم التلاعب وفى نفس الوقت جذب المستثمرين الجادين.