مستقبل الجنيه المصري
بقلم: تامر القاضي
عضو اللجنة الاقتصادية
منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت رحلة المعاناة لقيمة الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار الأمريكى، وذلك نتيجة لاستنزاف احتياطى النقد الأجنبي بصورة متسارعة فى محاولة للحفاظ على سعر الصرف للجنيه المصري، ومع وصول الاحتياطى النقدي إلى معدلات حرجة تكفي لاستيراد احتياجات مصر لمدة ثلاثة شهور اضطر البنك المركزي إلى اللجوء لآلية جديدة من خلال قيامه بطرح عطاءات دورية لشراء أو بيع الدولار الأمريكي تتقدم إليها البنوك بعرضها.
وبدأ العمل بهذه الآلية اعتبارًا من 30 ديسمبر 2012، ومنذ ذلك الوقت بدأت قيمة الجنيه في التراجع أمام الدولار بشكل متسارع ليصل متوسط سعر صرف الدولار فى سوق الإنتربنك إلى 6.97 جنيهًا فى نهاية مايو 2013 مقابل 6.059 جنيهًا فى نهاية يونيو 2012، بانخفاض في قيمة الجنيه بلغ معدله 13.1%، أما سعر الصرف فى السوق الموازية (السوق السوداء) فحدث ولا حرج حيث وصل سعر الدولار إلى ما يقارب 8 جنيه فى بعض الأوقات.
وبوصول الودائع القطرية (حوالى 2 مليار دولار) حدث بعض التحسن فى سعر صرف الجنيه تبعه تحسن آخر بوصول الودائع السعودية والإماراتية (4 مليار دولار حسب التقرير المالى الشهرى لوزارة المالية عن شهر سبتمبر)، والتى شجعت البنك المركزى على طرح 1.3 مليار دولار في عطاء غير دوري في 4 سبتمبر 2013، مما أدى إلى تراجع قيمة الدولار أمام الجنيه المصرى، تبعه عطاء آخر في 21 أكتوبر 2013، والذي طرح فيه 40 مليون دولار ليسجل مستوى 6.88 جنيه للشراء و6.91 جنيه للبيع، وهو أدنى مستوى له منذ أبريل 2013، أما السوق الموازية فلم يمتد لها نفس التأثير حيث ظل سعر الدولار فى حدود 7.13 جنيه للبيع، مما يدل على أن الفارق مازال كبيرًا بين السعر الرسمى وسعر السوق السوداء، نتيجة لزيادة الطلب عن ما يمكن أن توفره البنوك من الدولار بالسعر الرسمي.
والسؤال هل يستمر الجنيه المصرى في الصمود أمام الدولار الأمريكي؟
تشير التوقعات إلى أن هذا الصمود وقتي، حيث يعانى الاقتصاد المصري من التباطؤ في معدلات النمو، والسبب الرئيسى هو الإضطرابات السياسية وعدم الإستقرار الحكومي، والتى تعوق حركة الاستثمار الداخلي والخارجي، مما ينذر بعودة ارتفاع سعر الدولار مرة أخرى أمام الجنيه، ما لم يحدث نوع من الاستقرار السياسي أو يتم ضخ دفعة أخرى من المساعدات الخارجية.
والسؤال هنا مطروح للحكومة المؤقتة: هل ستظل قيمة الجنيه المصرى رهينة بالمساعدات الخارجية التى تأتي فى صورة قروض حسنة أو بعائد يجب الوفاء به حين يحين موعد السداد؟ وهل ستظل هذه الحكومة متجاهلة للحل السياسى الذي يضع مصر على أول طريق الاستقرار السياسي، وبالتالى عودة الحياة للاقتصاد المصري؟ أم أن هذه الحكومة لديها خطط وحلول أخرى، وبالتالى يجب عليها أن تعلن ذلك بصورة مفصلة وبجداول زمنية محددة تحقيقًا لمبدأ الشفافية؟ أم أن هذه الحكومة لا تملك القرار السياسى ووظيفتها مجرد إطفاء الحرائق غير عابئة بتبعات ذلك على الأجيال القادمة؟