الأحزاب الاجتماعية .. قفزة خارج القفص
بقلم الدكتور علي عبد المطلب أمين التثقيف بحزب الإصلاح و النهضة ..,
تعتبر الأحزاب الاجتماعية كلمة غريبة وغير معروفة في مصر، ولذا سيتناول هذا المقال التعريف بالأحزاب الاجتماعية وبالأفكار والأطروحات التي تتبناها، ونعرض كذلك في الشق الثاني من المقال لركائزبقلم: علي عبد المطلب أمين التثقيف بالحزب ومنطلقات حزب الإصلاح والنهضة باعتباره أول حزب اجتماعي في مصر.
وبدايةً يمكن القول أن مصطلح الأحزاب الاجتماعية ظهر كتوصيف للأحزاب التي خرجت من رحم الحركات الاجتماعية في أمريكا اللاتينية في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث قامت تلك الأحزاب بدور وسيط بين العمل السياسي والمجتمع المدني، كما أعطت اهتمامًا كبيراً للمحليات وبتمكين الفئات المهمشة في هذه المجتمعات كالمرأة والشباب.
وتتميز الأحزاب المنبثقة من حركات اجتماعية بأن لديها حساسية جماهيرية تجعلها تشعر بنبض المواطن العادي وتأتي برامجها وفعالياتها معبرة عن طموحاته وآماله، لأن هذه الأحزاب الاجتماعية نشأت بالأساس من رحم المجتمع هادفة إلى الارتقاء بالمواطن من أجل بناء مجتمع قوي.
وقبل ظهور الأحزاب الاجتماعية كانت السمة الغالبة على الأحزاب أنها أحزاب أيديولوجية صرفة، وكانت الصراعات الأيديولوجية طاغية على العلاقات فيما بين الأحزاب، ولكن بمرور الوقت تجاوزت الأحزاب في الدول المتقدمة تلك الصراعات الأيديولوجية والتي يكون المواطن ضحيتها في النهاية، وركزت تلك الأحزاب جهودها على قضايا الاقتصاد لانعاش الاقتصاد القومي والارتقاء بمستوى معيشة المواطن، وكذلك على الجوانب الاجتماعية لصيقة الصلة بحياة المواطنين كالتعليم والصحة والضمان الاجتماعي وغيرها من القضايا الحيوية التي تشغل بال المواطن العادي.
وفي حقيقة الأمر أن المواطن العادي لا ينشغل بالصراعات الحزبية والأيديولوجية ولا بالمعارك الانتخابية ولكن ما يعنيه في النهاية هو تحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك نجد أن معظم الأحزاب التي نجحت في الوصول للسلطة في الدول الغربية مؤخرًا، وحظيت برضا شعبي عن أدائها في سدة الحكم تلك التي تتبنى الليبرالية الاجتماعية أو الديمقراطية الاشتراكية، وكلاهما يعطي اهتمامًا كبيرًا للجوانب الاجتماعية، ويوظفان عناصر من الرأسمالية والاشتراكية معًا لتحقيق موازنة بين الحرية الاقتصادية والمساواة بما يخدم الصالح العام، ويضمن توفير الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والتأمين الصحي، مع الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان.
ويوجد حاليًا العديد من الأحزاب الأوروبية ذات التوجه الاجتماعي الذي يؤكد على دعم وتطوير المسئولية الاجتماعية جنبًا إلى جنب مع اقتصاد السوق الحر مثل حزب الديمقراطيين الليبراليين ثالث أكبر الأحزاب في بريطانيا حاليًا والذي نتج عن اندماج الحزب الليبرالي مع حزب الديمقراطيين الاجتماعيين، وكحزب الديمقراطيين الأحرار في ألمانيا، بل وحتى من خارج القارة الأوروبية كالحزب الليبرالي في اليابان، وحزب العدالة الشعبية في ماليزيا.
إذاً فالأحزاب الاجتماعية أثبتت نجاحها في السنوات الأخيرة وذلك بفضل القضايا التي تتبناها وتمثل محور اهتمامها، وأبرزها الاهتمام بالمحليات والتنمية المحلية، والسعي إلى تقوية المجتمع المدني باعتباره شريكًا رئيسيًا في عملية التنمية وسبيلًا للمشاركة الفاعلة للمواطنين في الشأن العام، وكذلك الاهتمام بتمكين الشباب والمرأة لما لهذين الفئتين من عظيم الأثر في إحداث التغيير المنشود والارتقاء بالمجتمع.
وبالنظر إلى واقع الحياة الحزبية في مصر نجد أن حزب الإصلاح والنهضة( ) يطرح نفسه كأول حزب اجتماعي في مصر، ونجد أن من المنطلقات الرئيسية للحزب “الحوار لا الصراع” والالتقاء على الأرضية المشتركة، فالحزب باعتباره حزبًا اجتماعيًا يرفض الدخول في الصراعات الحزبية والأيديولوجية التي لا طائل من ورائها، ويدعو دائمًا الأحزاب المتناحرة إلى تحمل مسئوليتها الوطنية والنزول إلى الشارع والاحتكاك بالمواطن المصري عن قرب وتبني القضايا التي تشغل بال المصريين، وأن يكون لتلك الأحزاب دورًا فاعلًا لتحقيق أهداف الثورة المصرية والارتقاء بمصر إلى مكانتها اللائقة.
ونستطيع أن نجمل ركائز حزب الإصلاح والنهضة في خمسة ركائز رئيسية، وهي:
1- الاهتمام بالمحليات: فالمحليات بمثابة المدير التنفيذي لكل الخدمات الحيوية التي تقدم للمواطن المصري وتساعد على بناء كوادر اجتماعية حقيقية تمثل النواة لأي نظام سياسي، ولذلك تأتي التنمية المحلية على رأس أولويات الحزب كحزب اجتماعي، ويرى الحزب أن إصلاح منظومة المحليات والارتقاء بها ستنعكس آثاره سريعًا على المواطن المصري.
2- بناء اقتصاد قوي: فحزب الإصلاح والنهضة كحزب يتبنى الليبرالية الاجتماعية يؤمن بالدور المحوري للاقتصاد في تحقيق الاستقلال السياسي وتحقيق السلام الاجتماعي والوصول إلى عدالة اجتماعية حقيقية.
3- تقوية المجتمع المدني: فمن ركائز الحزب السعى لبناء مجتمع مدني قوي، فالأحزاب الاجتماعية تؤمن بالدور الفاعل لمؤسسات المجتمع المدني، فالدول القوية لا تقوم إلا بوجود مجتمع مدني قوي يساعد على دعم الديمقراطية من خلال رفع الثقافة الاجتماعية والسياسية، وزيادة قدرة الشعب على التعبير والمشاركة الفردية والجماعية، إلى جانب قيام مؤسسات المجتمع المدني بدور رئيسي في دعم التنمية الشاملة وتحقيق التكافل الاجتماعي.
4- تمكين الشباب: فلا يقوم أي مجتمع إلا بقوة الشباب، وفي مصر تمثل طاقة الشباب أكثر من ثلث المجتمع، وكان الشباب هم القوة المفجرة لثورة 25 يناير لذلك يرى الحزب ضرورة استيعاب هؤلاء الشباب وإعداده قياديًا لتكون طاقاتهم هي محرك التغيير والارتقاء بالمجتمع، وحزب الإصلاح والنهضة هو حزب شبابي بامتياز، تتراوح أعمار قياداته من 25 إلى 35 عام، ومعظم أعضائه من الشباب في مرحلة العشرينيات، فهو تجربة حية وعملية لتمكين الشباب وإعداده قياديًا.
5- تمكين المرأة: حيث يؤمن الحزب بأن المرأة لها دور محوري في نهضة البلاد، وعلى المجتمع أن يساعد بكل ما أوتي من قوة على تفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية وفي بناء المجتمع من خلال اتخاذ كافة التدابير لمنع التمييز ضد المرأة، وتقديم المشروعات والبرامج اللازمة لإعداد المرأة ولتشجيعها على المشاركة في الحياة العامة والانخراط في العمل السياسي والحزبي.
وختامًا نستطيع القول أن حزب الإصلاح والنهضة هو حزب اجتماعي شبابي، لا ينشغل بالصراعات الأيديولوجية وإنما يركز جهوده على القضايا الحيوية ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي تشغل بال المواطن العادي، ويعمل على تمكين الشباب والمرأة وإعدادهما قياديًا للارتقاء بالمجتمع المصري إلى مكانته اللائقة.